ثُمّ قال ابن القيم: وفي الباب عن حُذيفة بن اليمان وأبي أُمامة الباهلي وعبد الرحمان بن عوف وعبد الله بن عمرو بن العاص وثوبان وأنس بن مالك وجابر وابن عباس وغيرهم[116]، ثم أورد عدّة أحاديث رواها بنصّ أهل السنن والمسانيد وغيرها، منها ما هو صحيح، ومنها ما هو ضعيف، أورده للاستئناس به. ثم قال: وهذه الأحاديث أربعة أقسام: صحاح وحسان وغرائب وموضوعة، وقد اختلف الناس في المهدي عن أربعة أقوال: أحدها: أنّه المسيح بن مريم. واحتجّ أصحاب هذا القول بحديث محمّد بن خالد الجندي المتقدّم، وقد بيّنا حاله، وأنّه لا يصحّ، ولو صحّ لم يكن به حجّة ; لأنّ عيسى أعظم مهديٍّ بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبين الساعة، وقد دلّت السنّة الصحيحة عن النّبي (صلى الله عليه وآله) على نزوله على المنارة البيضاء شرقي دمشق[117]، وحكمه بكتاب الله، وقتله اليهود والنصارى، ووضعه الجزية، وإهلاك أهل الملل في زمانه، فيصحّ أن يقال: لا مهدي في الحقيقة سواه وإن كان غيره مهدياً، كما يقال: لا علم إّلا ما نفع، ولا مال إلاّ ما وقى وجه صاحبه، وكما يصحّ أن يقال: إنّما المهدي عيسى بن مريم، يعني: المهدي الكامل المعصوم[118].