لها دورها الكبير في تهيئة هذا الجو ولن أتحدث عنها في هذا المجال. وكذلك لا ريب في أن الإسلام بإعطائه المشروعية لكثير من العقود هيأ الأجواء المناسبة للوصول إلى مثل هذا العمل. فالعقود الإسلامية كالبيوع والرهن والودائع والشركة والدين وقوانين التبادل والتجارة وأمثال ذلك كمسائل المضاربة والمساقاة والمزارعة إلى ما هنالك من العقود التي وافق الإسلام على كونها مشروعة وأن تبادل الملكية يتم من خلالها; هذه العقود الإسلامية المتنوعة تهيّئ الأجواء المناسبة للوصول إلى هذه النتيجة. ومما يساهم في العملية بشكل له كمال التأثير في استحضار القواعد العامة للمذهب الاقتصادي الإسلامي في مجال توزيع ما قبل الإنتاج وما بعده في مجال تنمية الإنتاج. بالطبع يجب أن نلاحظ الحدود التي وضعها الإسلام ومنع من تجاوزها فهي أيضاً تكمّل الصورة المطلوبة. فالإسلام ـ مثلا ـ منع من الإضرار، ومن الغرر، ومنع من الإسراف والتبذير، ومنع من التدليس ومن كثير من الأعمال التي فيها إهدار للثروة الطبيعية. وقد تحدثت في مقال سابق عن الحدود التي يجب أن يقف عندها البحث والعمل لأن الإسلام لا يرضى بذلك. هذه الموانع والحدود أيضاً تشترك في تكوين الصورة أو الأرضية التي يجب أن يقوم عليها كل عمل مشروع. إلى جانب هذه الأمور نجد أن هناك أموراً أُخرى تسهّل تمام التسهيل للباحث الإسلامي القيام بوضع الصورة المشروعة للعمل المصرفي الإسلامي وهي: أولا: قبول الإسلام بالعقود المستجدة: فقد ذكر الفقهاء أن العقود لا تقتصر على تلك التي كانت جارية في عصر الشارع المقدس وإنّما تشمل كل العقود المستحدثة التي قبلها العرف والتي لا تتجاوز تلك الحدود السابقة. إذ تنطبق عليها كل العمومات السابقة التي تصحح العقد وتلزم بالعمل به وتعتبر حينئذ مصاديق جديدة لهذه العمومات تقف إلى جانب المصاديق السابقة في الصحة ولزوم الوفاء. ولا يُلتفت هنا لقول شاذ للظاهرية بالاقتصار على العقود التي كانت في عهد المعصومين (عليهم السلام) فهذا قول شاذٌّ لا قيمه له.