للمسائل. في حين أن المرة الأولى مخصوصة لمناقشة الروايات منفردة، أما المرة الثانية، فهي مكرّسة لمناقشتها مجتمعة بسبب ملاحظتها. وفي هذه المرة، كان الأستاذ يناقش روايات كلّ راو مجتمعة، وغالباً كان يستنتج أن تلك الروايات تعود إلى رواية واحدة، وقد روعيت هذه النقطة في ترتيب روايات كلّ باب، كما سنذكر ذلك في شرح ميزات كتاب (جامع الأحاديث) فمثلاً صنفت روايات زرارة في باب واحد جنباً إلى جنب. وكان يقول: «هل تتصورون أنّ زرارة سأل الإمام عدة مرات وأجابه الإمام كذلك؟ لا، إنه سأل مرّة واحدة، وأجابه الإمام مرّة واحدة أيضاً، لكنّ الرواة اجتهدوا فأخرجوا تلك المسألة على ما نجده اليوم من كثرة الروايات». منشأ المسائل الخلافية كان أستاذنا يُنقّب في جذور المسائل المهمة. وعند طرحه نبذة تاريخية عنها، كان يذكّر بمنشأ الاختلاف وأصله بنحو معقول بعيد عن التعصّب المذهبي، ويطرح نقاط الاتفاق والاختلاف بين المسلمين، فيذكر رأي أهل السنة ودليلهم، وكذلك رأي مدرسة أهل البيت، وانعكاس ذلك الاختلاف في الفقه. فمثلاً في باب القبلة، كان يقول: الكعبة هي القبلة بإجماع المسلمين وضرورة الإسلام. ثمّ بعد ذلك يناقش هذه المسألة فيما إذا كانت الكعبة نفسها هي القبلة أو جهتها، وماهي حدود الجهة ومساحتها.