توحيد مناهج الاستدلال من أهم وسائل التقريب وكمقدمة لابد ان نعرف شيئا عن أسباب اختلاف الفقهاء. وقد أوجزها ابن رشد في مقدمة كتابه (بداية المجتهد ونهاية المقتصد) وحصرها في ستة أمور: احدها: تردد الألفاظ بين هذه الطرق الأربع، أعني بين أن يكون اللفظ عاماً يراد به الخاص، أو خاصاً يراد به العام، أو خاصاً يراد به الخاص، أو يكون له دليل الخطاب، أو لا يكون. والثاني: الاشتراك الذي في الألفاظ، وذلك إما في اللفظ المفرد كلفظ (القرء) الذي يطلق على الطهر وعلى الحيض، وكذلك لفظ (الأمر) هل يحمل على الوجوب أو على الندب، ولفظ (النهي) هل يحمل على التحريم أو الكراهة، وإما في اللفظ المركب مثل قوله تعالى (إلاّ الذين تابوا)([59]) فانه يحتمل ان يعود على الفاسق فقط ويحتمل ان يعود على الفاسق والشاهد فتكون التوبة رافعة للفسق ومجيزة شهادة القاذف. والثالث: اختلاف الإعراب. والرابع: تردد اللفظ بين حمله على الحقيقة أو حمله على نوع من أنواع المجاز التي هي إما الحذف، وإما الزيادة، وإما التأخير، وأما تردد على الحقيقة أو الاستعارة. والخامس: إطلاق اللفظ تارة وتقييده تارة أُخرى، مثل إطلاق الرقبة في العتق تارة، وتقييدها بالإيمان تارة. والسادس: التعارض في الشيئين في جميع أصناف الألفاظ التي يتلقى منها الشرع الأحكام بعضها مع بعض، وكذلك التعارض الذي يأتي في الأفعال أو في الإقرارات أو