فإنّ هذه الروايات تدلّ على عموم النصب لكلّ الفقهاء لهذا المنصب الخطير في الإسلام. وعليه، فإنّ كل الفقهاء الذين تتوفّر فيهم الشروط التي لابد منها في الحاكم يعتبرون حكاماً بموجب هذه النصوص. ويتوجّه إلى هذا الرأي مناقشتان أساسيتان: إحداهما في مرحلة الثبوت، والاُخرى في مرحلة الإثبات. المناقشة في مرحلة الثبوت أما التي في مرحلة الثبوت، ففي عدم معقولية النصب الشامل والعام لكل الفقهاء، فإنّنا إذا أمعنّا النظر في معنى كلمة (الحكومة والولاية العامة) لا يمكن أن نتصور معنىً للتعدد وعموم وشمول النصب لكل الفقهاء في عرض واحد، فإنّ كلمة (الحاكم) تدلّ على حاكمية وولاية (الحاكم) على الآخرين، وحقّه في طاعة الآخرين وانقيادهم، وعمومية ولاية الفقيه الحاكم على الآخرين، بمن فيهم الفقهاء، وهو ينافي عموم النصب للفقهاء للولاية. وهذا المعنى هو الذي يستظهره الإنسان من هذه الكلمة بالفهم العرفي، وحتى الفهم العلمي لهذه الكلمة في (العلوم السياسية). والنتيجة التي تترتّب على عموم النصب: هو أن يكون الفقيه والياً ومولىً عليه في وقت واحد، وعلى صعيد واحد[156] وهو أمر غير ممكن. والنتيجة الاُخرى التي تترتّب على ذلك: هو أن يكون لمجموعة من الفقهاء ولاية وحاكمية على عامة الناس في وقت واحد، وكلٌّ يكون أمره وحكمه نافذاً