شديد، مطاع لا يعرف المُبدي المعيد. فيا عجباً، ومالي لا أعجب والأرض من غاش غشوم، ومتصدّق ظلوم، وعامل على المؤمنين بهم غير رحيم، فالله الحاكم فيما فيه تنازعنا، والقاضي بحكمه فيما شجر بيننا. اللّهم إنّك تعلم أنه لم يكن ما كان منا تنافساً في سلطان، ولا التماساً من فضول الحطام، ولكن لنُري المعالم من دينك، ونُظهر الإصلاح في بلادك، ويأمن المظلمون من عبادك، ويعمل بفرائضك وسنّتك وأحكامك، فإنّكم إن لا تنصرونا، ولا تنصفونا، قوي الظلمة عليكم، وعملوا في إطفاء نور نبيّكم، وحسبنا الله عليه توكّلنا وإليه أنبنا، وإليه المصير»[139]. وهذه الرواية يرويها الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول مرسلة كما هو شأنه في كل الروايات التي يرويها في كتابه الجليل (تحف العقول)، إلاّ أنّ حسن بن علي بن شعبة من مشايخنا الأجلاّء، وقد مدحه ووثّقه وأثنى عليه الكثير من العلماء. وقد آثرنا نقل هذه الرواية بتفصيلها لما فيها من الاهتمام بقضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومسؤولية العلماء بالله في مقارعة الظالمين والمطالبة بحقوق المستضعفين، وأن لا تأخذهم لومة في ذات الله. وموضع الاستشهاد في هذه الرواية الشريفة هو قوله (عليه السلام): «ذلك بأنّ مجاري الاُمور والأحكام على أيدي العلماء بالله، الاُمناء على حلاله وحرامه». والعلماء بالله هم الاُمناء على حدود الله وأحكامه وحلاله وحرامه، ولايختصّ هذا العنوان بالتأكيد بالائمة المعصومين (عليهم السلام)، كما يستظهر ذلك المحقّق الاصفهاني في حاشيته على المكاسب[140]، فإنّ سياق الخطاب في كلام الإمام السبط الشهيد (عليه السلام)صريح في أنّه يقصد به المخاطبين الذين كان الإمام الشهيد (عليه السلام)يخاطبهم من علماء