عبادة الطاغوت وفي مقابل «الكفر» بالطاغوت والتبرّي عنه و «اجتنابه»، يأتي مفهوم «عبادة» الطاغوت، وعبادته هو طاعته، يقول تعالى: ( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إلى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى )[100]. وعبادة الطاغوت: طاعته والانقياد إليه. وقد ورد في مجمع البيان عن الصادق قال: «من أطاع جبّاراً فقد عبده»[101]. وعن الإمام الصادق (عليه السلام): «مرّ عيسى بن مريم على قرية قد مات أهلها، فأحيى أحدهم، وقال له: ويحكم ما كانت أعمالكم ؟ قال: عبادة الطاغوت وحبّ الدنيا، قال: كيف كانت عبادتكم للطاغوت ؟ فقال: الطاعة لأهل المعاصي»[102]. إذن، قد حرّم الله تعالى على عباده قبول التحاكم إلى الطاغوت والركون إليه، وأمر بالتبرّي منه واجتنابه، في حقّ أو باطل، فإنّ الركون إليه وطاعته حتى في غير معصية الله إسناد ودعم له، وتمكين له من رقاب المسلمين. وقد ورد في مقبولة عمر بن حنظلة قال: «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث، فتحاكما إلى السلطان والى القضاة، أيحلّ ذلك ؟ قال: مَن تحاكم إليهم في حقّ أو باطل فإنّما تحاكم إلى الطاغوت، وما يحكم له فإنّما يأخذ سُحتاً وإن كان حقّاً ثابتاً له ; لأنّه أخذه بحكم الطاغوت وما أمر الله أن يكفر به، قال تعالى: ( يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إلى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ )»[103] و[104].