لِما لابد لهم منه في أمر الدين والدنيا، فلم يجز في حكم الحكيم أن يترك الخلق ممّا يعلم أنّه لابد لهم منه، ولا قوام لهم إلاّ به، فيقاتلون به عدوهم، ويقسمون به فيئهم، ويقيمون جمعتهم وجماعتهم، ويمنع ظالمهم من مظلومهم. ومنها: أنّه لو لم يجعل لهم إماماً قيّماً، أو أميناً حافظاً مستودعاً، لدرست الملّة، وذهب الدين، وغيّرت السنن والأحكام، ولزاد فيه المبتدعون، ونقص منه الملحدون، وشُبّه ذلك على المسلمين، إذ قد وجدنا الخلق منقوصين محتاجين، غير كاملين، مع اختلافهم واختلاف أهوائهم وتشتّت حالاتهم، فلو لم يجعل فيها قيّماً، حافظاً لِما جاء به الرسول الأول، لفسدوا على نحو ما بيّناه، وغيّرت الشرائع والسنن والأحكام والايمان، وكان في ذلك فساد الخلق أجمعين. وفي نهاية الرواية ـ وهي رواية طويلة ـ: روى الصدوق (رحمه الله)، عن علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري قال: قلت للفضل بن شاذان لمّا سمعت منه هذه العلل: أخبرني عن هذه العلل التي ذكرتها عن الاستنباط والاستخراج، وهي من نتائج العقل أو هي ممّا سمعته ورويته ؟ فقال لي: ما كنت أعلم مراد الله بما فرض، ولا مراد رسوله بما شرّع وسنّ، ولا أُعلّل ذلك من ذات نفسي، بل سمعنا من مولاي أبي الحسن علي بن موسى الرضا مرة بعد مرة، والشيء بعد الشيء، فجمعتها، فقلت: فاُحدّث بها عنك عن الرضا (عليه السلام) ؟ فقال: نعم. توثيق سند الرواية الفضل بن شاذان من ثقاة أصحاب الإمامين الهادي والعسكري (عليهما السلام)، صرّح بجلالة قدره الشيخ في الفهرست، والنجاشي، وغيرهما. وأمّا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطّار، فهو من مشايخ