والآية الكريمة تطلب من المسلمين أمرين اثنين ; الأول منهما: أن يتمسّكوا بحبل الله، والثاني: أن لا يسمحوا لأحد باختراق الاعتصام الجمعي بحبل الله. والأمر الثاني لا يتم إلاّ من خلال وجود سلطة مركزية شرعية، كما أشرنا إليها من قبل. الطائفة الثالثة ومن الطائفة الثالثة نذكر آية (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر): ( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )[54]. ولتوضيح دلالة هذه الآية الكريمة على وجوب إقامة سلطة وسيادة مركزية شرعية، لابد أن نشير إلى مجموعة من النقاط بالتسلسل: 1 ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس غاية في حدّ ذاته في أحكام الله، كما في الصلاة والصوم والحج، وإنّما هو أداة لتحقيق حاكمية شريعة الله تعالى في المجتمع، ولذلك يرتفع الوجوب رأساً عند القطع بعدم جدوى الأمر بالمعروف، واليأس من تأثير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما يتّفق ذلك في كثير من الحالات. وقد وردت جملة من النصوص الشرعية في هذا المعنى، نشير إلى بعضها: منها: ما روي عن أبي جعفر (عليه السلام): «إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عظيمة، بها تقام الفرائض... إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الانبياء ومنهاج الصلحاء، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، وتؤمن المذاهب، وتحلّ المكاسب، وتردّ المظالم، وتعمر الأرض، وينتصف من الأعداء، ويستقيم الأمر»[55].