2 ـ الاعتصام الاجتماعي. أمّا الاعتصام الفردي فهو تكليف متوجّه إلى الأفراد بصفتهم الفردية، وينحلّ هذا الحكم إلى مجموعة واسعة من الإلزامات والالتزامات بعدد الأفراد. وكما يتحقّق الاعتصام في مساحة من المساحات ـ فرديّة أو اجتماعية ـ يؤتي أثره في تلك المساحة، ولو أنّ فرداً واحداً من المجتمع اعتصم بحبل الله، واتّقى الله تعالى لوحده، لآتاه الله تعالى ثمار هذا الاعتصام والتقوى ولو لم يشاركه فيه آخرون (وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إلى صِرَاط مُّسْتَقِيم)[51]. فإنّ الهداية ثمرة الاعتصام في أيّة مساحة، فردية أو اجتماعية. ( فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَة مِّنْهُ وَفَضْل وَيَهْدِيهِمْ إليه صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً )[52]. فإنّ الدخول في رحمة الله وفضله، والهداية إلى الله، من نتائج الاعتصام بالله، سواء كان الاعتصام قد تحقّق في مساحة فردية ضيّقة أو في مساحة اجتماعية، والذي يعتصم بالله يدخله الله في رحمته ويهديه، وهذا هو الاعتصام الفردي. وفي مقابل ذلك: الاعتصام الجمعي (بصفة المجموع)، وهذا الاعتصام الثاني يختلف عن الاعتصام الأول في حقيقته وآثاره، فإنّ الاعتصام الثاني لا يتحقّق إلاّ من قبل المجموع، ولا يمكن تحقيقه في مساحة من مساحات المجتمع دون سائر المساحات في المجتمع. فإمّا أن يتحقّق الاعتصام في كل المجتمع، وإمّا أن ينتفي في كل المجتمع، وذلك أنّ الآية الكريمة تُقيّد الاعتصام بكلمة (جميعاً): ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً )،