الموضع تأتي بمعنى الشؤون السياسية والإدارية العامة، نحو قول الإمام علي (عليه السلام): «فلمّا نهضت بالأمر نكثت طائفة...». وواضح أنّ مقصوده (عليه السلام) من «الأمر»: الأمر السياسي والإداري خاصّةً. يقول المحقّق الشيخ النائيني في كتابه «تنبيه الأُمة وتنزيه الملّة»: «كلمة «الأمر» المحلاّة باللام تفيد العموم الإطلاقي، وتدلّ على أنّ كافّة الأُمور السياسية في الإسلام يجب أن تُطرح للشورى، إلاّ مواضع من الأحكام الشرعية، فإنّها خارجة عن هذا العموم بالتخصّص لا بالتخصيص»[656]. وخصّه ابن عباس بالشؤون الحربية، كما ورد في تفسير ابن عباس للفيروز آبادي[657]. وروى الصدوق في عيون الأخبار عن الرضا (عليه السلام) بإسناده إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)قال: «من جاءكم يريد أن يفرّق الجماعة، ويغصب الأُمة أمرها، ويتولّى من غير مشورة، فاقتلوه، فإنّ الله قد أذن ذلك»[658]. إلاّ أنّ الظاهر أنّ المقصود بالقتل هو الغاصب المعتدي الذي جاء ليفرّق الأُمة ويغصب الأمة أمرها. وفي «نهج البلاغة» عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «فلا تكلّموني بما تُكلَّم به الجبابرة، ولا تتحفّظوا منّي بما يُتحفّظ به عند أهل البادرة، ولا تخالطوني بالمصانعة، ولا تظنّوا بي استثقالاً في حقٍّ قيل لي، ولا التماس إعظام لنفسي، فإنّه من استثقل الحقّ أن يُقال له، أو العدل أن يُعرض عليه، كان العمل بهما أثقل عليه، فلا تكفّوا عن مقالة بحقٍّ أو مشورة بعدل، فإنّي لست بفوق أن أخطِئ، ولا آمن ذلك من فعلي، إلاّ أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به منّي»[659].