وتعسّفاً، كما قلنا من قبل. ولكن قد يقال: إنّ القيمة الطريقية للشورى، وهي منظورة بالتأكيد في تشريع الشورى ـ كما وجدنا في الكثير من النصوص ـ تتطلب إلزام وليّ الأمر بالالتزام برأي الأكثرية وتنفيذه. لأنّ المفروض أنّ رأي الأكثرية أقرب إلى الصواب والحقّ من آراء الاقليّة، ولذلك يجب أن يلتزم وليّ الأمر وأجهزة الدولة برأي الأكثرية في صياغة القرار. والجواب: أنّ القيمة الطريقية للشورى ليست بالضرورة بمعنى الترجيح الكمّي لرأي الأكثرية، في الديمقراطية الحديثة حتّى لو كان بنسبة 51 % مثلاً. وإنّما الذي نفهمه من نصوص الشورى في هذه النقطة: أنّ دراسة القضايا والمسائل السياسية والإدارية للمجتمع في مجالس الشورى من قبل أصحاب الرأي والاختصاص، تؤدّي إلى تكامل القرار وتنضيجه، وتراشد الآراء، وتظافر الخبرات في المسائل السياسية والإدارية، في الحرب والسلم... ووليّ الأمر وأجهزة الدولة في الأنظمة القائمة على الشورى تستخدم الشورى لتحقيق هذه الغاية في المسائل العامة. ولا شكّ أنّ ذلك نحو من الطريقية للوصول إلى القرار الحقّ الصحيح، وقد سبق أن وضّحنا ذلك من قبل. وهذه الطريقية لا تستلزم بالضرورة أن يلتزم وليّ الأمر وأجهزة الدولة برأي الأكثرية في الشورى بصورة قطعية، وإنّما يتحقّق الوصول إلى تنضيج القرار وتصحيحه بطرح وجهات النظر المختلفة في المسألة المبحوثة في جلسات الشورى ما لم يكن في الأمر تعسّف وتعنّت، وإلى ذلك تشير النصوص الواردة في هذا الشأن: روى الصدوق في «الفقيه» عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيّته لابنه محمد بن الحنفية، قال: «أُضمم آراء الرجال بعضها إلى بعض، ثم اختر أقربها إلى الصواب،