والفردية التي تشملها هذه الروايات بالإطلاق والعموم، فالأوامر الواردة في هذه الطائفة محمولة على الندب أو مجملة. الطائفة الرابعة النصوص الواردة في وجوب الشورى في الأُمور العامة فقط، سياسية أو إدارية أو عسكرية أو اقتصادية... وغيرها. وفي مقدّمة هذه النصوص الأمر الوارد بالشورى في آل عمران على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ). وقد تحدّثنا عن آية آل عمران، ودلالتها على وجوب الشورى في النظام الإسلامي الإداري بمقتضى الأمر بالشورى في الآية الكريمة، وهو ظاهر في الوجوب. وقلنا: إنّ كلمة «الأمر» الواردة في آية آل عمران (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)وإن كانت مطلقة بحسب وضعها في اللغة، ولكنّها ظاهرة في أمثال السياقات في الأُمور العامة التي هي من اختصاص الدولة. وعليه فإنّ آية آل عمران ظاهرة في وجوب الشورى، إلاّ أنّه لا دلالة فيها على وجوب الالتزام برأي الشورى أو الأكثرية منها، وإعطائها صفة القرار الملزم لوليّ الأمر. ولا يبعد أن يكون من ذلك ما رواه الشريف الرضي عن أمير المؤمنين (عليه السلام)في نهج البلاغة: «فلا تكلّموني بما تُكلَّم الجبابرة، ولا تتحفّظوا منّي بما يتحفّظ به عند أهل البادرة، ولا تخالطوني بالمصانعة، ولا تظنّوا بي استثقالاً في حقٍّ قيل لي، ولا التماس أعظام لنفسي، فإنّه من استثقل الحقّ أن يُقال له، أو العدل أن يُعرض عليه، كان العمل بهما أثقل عليه، فلا تكفّوا عن مقالة بحقٍّ أو مشورة بعدل»[631].