وذلك لأنّ تنفيذ وامتثال هذه الطائفة من الأحكام لا يتم من دون وجود أمرين، لابد منهما، لتنفيذ هذه الأحكام، وهذان الأمران هما: 1 ـ القوة والنفوذ وبسط اليد. 2 ـ الشرعيّة. وهذان العنصران هما العنصران الرئيسيان اللذان يشكلان العمود الفقري للدولة، فلابد من وجود قوة ونفوذ وسلطان في تنفيذ هذه الأحكام، يعاقب المختلفين، ويلزمهم بإطاعة الحكم الشرعي. ولابد من أن تملك هذه السلطة سيادة شرعية لتتمكّن من تنفيذ هذه الأحكام. وهذان العنصران هما العنصران الأساسيان المكوّنان للدولة الإسلامية، ولا تقوم الدولة إلاّ بهما، ولا يمكن تنفيذ هذه الأحكام إلاّ بهما. يقول السيد البروجردي (رحمه الله): (إنّ في الاجتماع اُموراً لا تكون من وظائف الأفراد، ولا ترتبط بهم، بل تكون من الاُمور العامّة الاجتماعية التي يتوقّف عليها حفظ نظام الاجتماع، مثل: القضاء، وولاية الغُيّب، والقُصّر، وبيان تعريف اللقطة، والمجهول المالك، وحفظ الانتظامات الداخلية، وسدّ الثغور، والأمر بالجهاد، والدفاع عند هجوم الأعداء، ونحو ذلك ممّا يرتبط بسياسة المدن، فليست هذه الاُمور ممّا يتصدّى اليها كل أحد، بل تكون من وظائف قيّم الاجتماع، ومن بيده أزمّة الاُمور الاجتماعية، وعليه أعباء الرئاسة والخلافة). ثم يقول (رحمه الله) عن الإسلام: إنّ (أكثر أحكامه مرتبطة بسياسة المدن، وتنظيم الاجتماع، وتأمين سعادة هذه النشأة، ولأجل ذلك اتّفق الخاصة والعامة على أنّه يلزم في محيط الإسلام وجود سائس وزعيم يدير اُمور المسلمين، بل هو من ضروريات الإسلام وإن اختلفوا في شرائطه وخصوصياته، وأنّ تعيينه من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو بالانتخاب العام)[46].