هذه نماذج من الطائفة الاُولى من آيات الأحكام، تشير إلى أحكام إلزامية قطعية في الإسلام. وهذه الطائفة من آيات الأحكام تختلف عن الأحكام الإلزامية التي تتعلّق بذمة الأفراد، من قبيل قوله تعالى: ( وَأَنْ أَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ )[41]. ( وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ )[42]. ( أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إلى غَسَقِ اللَّيْلِ )[43]. ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ )[44]. ( وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ )[45]. فهذه الطوائف من آيات الأحكام تخاطب الأفراد، وتلزمهم بأحكام شرعية، لها بالنسبة لكل فرد امتثال وعصيان، فقد يطيع أحدٌ حكم الصلاة أو الصيام ويعصيه آخر، ولا تضرّ معصية الثاني بطاعة الاول، ونستطيع أن نسمّي هذه الطائفة من الأحكام بالأحكام ذات الطابع الفردي، وهي طائفة واسعة من الأحكام. وإلى جنب هذه الطائفة توجد طائفة أُخرى من الأحكام وهي التي لاتخاطب الأفراد بصفتهم الفردية، وإنّما تخاطب المجتمع (الهيئة الاجتماعية)، وليس لهذه الأحكام إلاّ طاعة واحدة وعصيان واحد، في كل الهيئة الاجتماعية، ولا ينحل الحكم ـ كما في الطائفة الاُولى ـ إلى مجموعة من الأحكام الإلزامية بعدد الأفراد، حتى يكون لكل فرد طاعة ومعصية مستقلّة، وأنّما يكون للحكم طاعة واحدة ومعصية واحدة فقط.