فيها، ونجعل النساء والذراري في هذه الصياصي، ونجعل معهم الحجارة... ونشبك المدينة بالبنيان، فتكون كالحصين من كلّ ناحية. وترمي المرأة والصبي من فوق الصياصي والآطام، ونقاتل بأسيافنا في السكك، يا رسول الله: إنّ مدينتا عذراء مافضت علينا قط. وكان رأي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مع رأي ابن أُبيّ، وكان ذلك رأي الأكابر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من المهاجرين والأنصار، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «امكثوا في المدينة، واجعلوا النساء والذراري في الآطام، فإن دخلوا علينا قاتلناهم في الأزقّة فنحن أعلم بها منهم، وارموا من فوق الصياصي والآطام...». فقال فتيان أحداث لم يشهدوا بدراً، وطلبوا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الخروج إلى عدوّهم، ورغبوا في الشهادة، وأحبّوا لقاء العدوّ: اخرج بنا إلى عدوّنا. وقال رجال من أهل السنّ وأهل النبه، منهم: حمزة بن عبد المطلب، وسعد بن عبادة، والنعمان بن مالك بن ثعلبة، وغيرهم من الأوس والخزرج: إنّا نخشى يا رسول الله أن يظنّ عدوّنا أنّا كرهنا الخروج إليهم جُبناً عن لقائهم، فيكون هذا جرأةً منهم علينا، وقد كنت يوم بدر في ثلاثمائة رجل فظفرك الله عليهم، ونحن اليوم بشر كثير، قد كنّا نتمنّى هذا اليوم، وندعوا الله به، فقد ساقه الله إلينا في ساحتنا. ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما يرى عن إلحاحهم كاره، وقد لبسوا السلاح يخطرون بسيوفهم، يتسامون كأنّهم الفحول. وقال مالك بن سنان أبو أبي سعيد الخدري: يا رسول الله، نحن والله بين إحدى الحسنيَيْن، إمّا يظفرنا الله عليهم فهذا الذي نريد، فيذلّهم الله لنا، فتكون هذه وقعة مع وقعة بدر، فلا يبقى منهم إلاّ الشريد، والأُخرى يا رسول الله يرزقنا الله الشهادة. والله يا رسول الله، ما أُبالي أيّهما كان. فلم يبلغنا أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رجع إليه قولاً أو سكت. فقال حمزة بن عبد المطلب (رضي الله عنه): والذي أنزل عليك الكتاب، لا أطعم اليوم