ولست أعرف علاقةً منطقيةً بين المبادئ والنتائج أقوى من هذه العلاقة، يقول تعالى: (أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ)[308]. والاستفهام هنا إنكاري، كيف يبغون ديناً وحكماً غير دين الله وشريعته وقد أسلم له كلّ من في السماوات والأرض، سواء إنْ رَضَوا بسنن الله تعالى التكوينية فيهم أم لم يرضوا (طوعاً أو كرهاً) ؟ ! فإنّ سنن الله تعالى التكوينية تجري فيهم على كلّ حال، رضوا بها أم كرهوا، فكيف يصحّ لهم أن يبتغوا شريعةً وديناً وحكماً في حياتهم غير شريعة الله ودينه وحكمه ؟ ! والآية الكريمة واضحة في تقرير العلاقة بين الولاية والحاكمية التكوينية لله تعالى على الكون والإنسان، وبين الولاية والسيادة التشريعية لله تعالى على الإنسان. وكذلك العلاقة بين خضوع الإنسان وإسلامه تكويناً لله تعالى، ومن في السماوات والأرض، رضوا أم لم يرضوا، وبين خضوعه وانقياده التشريعي لدين الله وحكمه. رفض كلّ ولاية وحاكمية غير ولاية الله على الإنسان وإذا اتّضح أنّ الولاية لا تكون شرعية إلاّ إذا كانت لله أو كانت في امتداد ولاية الله، فإنّ كلّ ولاية من دون الله تكون غير شرعية، ونحواً من التجاوز والعدوان على حقّ الله تعالى على الإنسان، وأصحابها هم الذين يصفهم الله تعالى بالطاغوت، وقد أمرنا الله أن نكفر بهم.