اللوحة الأُولى ما آتاكم الرسول فخذوه المشهور أنّ نِحْلة «فدك» كانت أول ما سألت فاطمة أبا بكر أن يردّه عليها من حقّها فيما أفاء الله على رسوله من أموال المشركين. هذا ما يقوله التسلسل الطبيعي للأحداث، وما يتّفق ومنطق الأُمور. ذلك أنّ فدكاً ملكية خاصّة للزهراء، والمال الخاصّ أولى من صاحبته بالرعاية والاهتمام، وأحقّ بالمبادرة إلى احيتازه، والحرص عليه، وبخاصّة إذا خيف عليه التردّي في هوّة ضياع، أو وهدة نزاع، أو عُدِي عليه واقعاً وفعلاً بالاستيلاء. أمّا سؤالها الخليفة نصيبها فيما تركه أبوها ممّا تجري عليه قواعد «التوريث»، فلا عجب لو جاء تالياً لطلب النِحْلة، لأنّه لا خطر من تأخير دعواه، ولأنّه حقّ ثابت، تضمنه فرائض المواريث التي أنزل الله، فلا مأتىً إذاً للاختلاف عليه، ولا خوف أيضاً من التنازع فيه، ولأنّه إلى جوار هذا هدف مشترك بين أكثر من فرد، إن تأخّر شريك عن طلبه لنفسه، فلابدّ من تحقّق غرضه من خلال سعي رفاق طلبه الآخرين، وبدون مظنّة خلاف يمكن وقوعه بين الشركاء. فالرأي هنا لما اشتمل عليه القرآن من الآيات المحكمات التي تعين الوارث وتحدّد المواريث، وهي قول فصل لا شبهة فيه. * * *