وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فلقد أفزعتهم الأخبار، وحوش الرعب نهشت منهم التفكير، التهمت وعي اليقظة، التقمت راحة النعاس فهل من منجىً يجنّهم[1344] من المصير المخوف؟ بل سوف يحلّ بهم الوبال والخبال[1345]، لتحصدنّهم المنايا كما تحصد المناجل السنابل. فهتاف النصر يندلع صوبهم عبر المراحل، ورحى الجهاد ما فتئت دوّارة، والجوّ حولهم يحمل رائحة معركة جديدة. وما زال «علي» ـ فيما تحدّثهم الأنباء ـ يرفع راية المجاهدين بيمينه ... ويا سوء ما يعني تصدّره تلكم الصفوف! إنّه لخليق بأن يغرس في مسالكهم بذور الحرب ليجتنوا المصارع، إنّه لا يقود إليهم الجنود، وإنّما يقود الحتوف! ولقد نضجت الآجال ... أينع[1346] الثمر ... وحان القطاف! * * * كغيرها من القرى اليهودية، كانت بلدة «فَدَك» منطقة منيعة، منزل مقاتلة شداد، مستودع سلاح وعتاد. على رقعتها انتشرت الصياصي[1347] والمعاقل انتشار الكتابة على قرطاس، فبدت كمثل غابة من الآطام والحصون، أو كمثل دَغْل تزاحمت غيوله[1348]، وتكاثفت ظلاله ... قد تحجّرت أشجاره: جذوعاً وسيقاناً، فإذا هي عماد من صخور وجلاميد[1349] ...