وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

أن يكون، ثم حظّه من الإيمان، ثم آي القرآن، فضلاً عن مخالفة هذا التشكّك لشكيمة ابن الخطّاب. وإن يكن قد تابع أُمّ المؤمنين على ظنّها في بقاء النبي حيّاً حتّى يُذهِب الله ريح المنافقين، فدون انحياز التابع لظنّ المتبوع قول عائشة نفسها: إنّ الرسول قُبض وهو في حجرها، فقامت والتدمت مع النسوة الأُخريات. ذلك لأنّ «الالتدام» واللطم وضرب الوجوه لا يكون على من راح في غشية، إنّما يكون على من اجتاز النزع، نفض يده من هذه الحياة ... مات! وذهب محمد إلى الله، خلع عن روحه ذلك الثوب البدني الذي كان يكتسيه، تحرّر من دنيا الناس، وانطلق إلى السماء. وهل به الآن من حاجة إلى البقاء في هذه العاجلة بعد أن فرغ ممّا بُعث فيه؟ لقد ختم رسالته، بلّغ عن ربّه فأحسن البلاغ، أدّى وأكمل الأداء. وكان جوّ المدينة عندئذ يحترق بحرارة الصيف، هواؤه ألسنة لهيب تسوط الأجسام الأُفق قبّة من نار، العرق المنثال[1341] على الوجوه حبّات من جمر. في العيون غيوم، على الملامح وجوم ... الأنفاس تشتعل ... الحناجر جريحة، الجفون مقروحة ... الهمسات دموع، الأنين لغة الوداع. ومن وراء هذا الأسى الأخرس حيناً، الصائح حيناً، النائح حيناً، كانت القلوب تتفتّت من هول المصاب الفادح وإن لم تخلّف وراءها آثار دماء. ومن خلال الأنين والبكاء والعويل التي تدافعت عبر المدينة الحزينة، من كلّ رجأ نعيباً ونعيقاً، سرى في كلّ شهقة ولهثة. ومع كلّ صرخة وولولة، صوت الزهراء يشقّ الفضاء، وهي تنعى أباها إلى السماء: «أبتاه، أبتاه! ... يا أبتاه!