اللوحة الثانية سفينة باقوم تلك الليلة لم تنم قريش، لم يغمض لها جفن، لم يهدأ لها بال. أم كانت تغفو وتقرّ ويستريح لها جنب وإنّ هذا الذي وقع بالكعبة ليكاد يكون نذيراً لها بغضب الله؟ وقلقت كما لم تقلق من قبل، وراحت تتقلّب في الحيرة. ثم تمالكت، فنشطت تراجع الحال، وتراجع النفس، وتراجع الجهد، وتراجع المال، ولم يكن أمامها إلاَّ أن تعزم... وتحسم. وأجمعت رأيها على أمر. * * * إنّ ما تلف ينبغي أن يُرَمّ، وإنّ ما انقضّ لابد أن ينهض، وإنّ ما ضاع يجب أن يعود. فالمال جمّ كثير، والجهد قويّ شديد، والعزم صليب عنيد. والنفس توّاقة، قصاراها مرضاة ربّ هذا البيت الذي وهبهم به العزّة والشرف والأمان. فلَكَم طالما ودّوا من قبل لو أنّهم شدّوا بنيان الكعبة القديم، ودعموا جدرانها،