وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كان ذلك والدعوة توغل في الخمس الأخير من أعوامها بمكة، قبل أن يأذن الله لنبيّه بالهجرة منها في اليوم المحسوب. ومع ما لاح لها عندئذ من بشائر النجاح، فما أحسب أنّ شعورها كلّه كان سكينة، لكأنّي بها وفي دخيلتها قلق مترنّح[693]، لا يفتأ يخز قلبها بمثل إبرة محمّاة. فما أصابوه إلى يومهم هذا من مغنم يقوّي جانب الدعوة، كان كخطفة من وراء العيون، قطفة ليس فيها الغناء، إن هو، من ثمر النصر، إلاَّ طلع كالبُسر[694]. فالشوط حتّى غايتهم ما زال طويلاً دونه عقبات وعراقيل، والجوّ مهما صفا فلابدّ أن يغيم، وفي غصون الورود تنبت الأشواك. وكذلك الكفاح! إنّه لم يكن عيش دائماً على أرض سهلة، مفروشةً بالزهور والرياحين، كان أحياناً يدرج على عوسج[695]، أحياناً ينحت بأظفاره مسالك في الصخر، أحياناً يخوض اللهيب..بل أتى عليه حين تعثّرت خلاله خطاه، بل كاد يتوقّف عن السير، بل لاح قدّامه وهو الخلف، ووراؤه وهو الأمام! * * * وعلى غير ما هو مأمول احتدمت[696] الأُمور، انتكست مسيرة الأحداث، تجهّمت الأيام فإذا هي أحرى بأن تعدّ في الحُسُوم[697]. فلقد فطن الشرك للخطر الموشك أن يجتاحه لو ترك الدعوة تتسلّل تحت سمعه وبصره، فصنع النكسة، ثم استغلّ الظروف المحيطة أحسن استغلال.