وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وما غاب من المرائي والمسموعات عن أدوات حسّها الظاهرة، لم يكن ليغيب عن ملكات نفسها الباطنة، أو يدقّ على ما جبلت عليه من رهف الشعور، وصفاء الوجدان. ولولا أنّها كانت وما هي عليه من طبيعتها الأنثوية الرؤوم، التي ثبّتت أباها، ومحضته الرعاية، وآثرته بما يزدخر قلبها به من الحبّ، إذن لخرجت صباح كلّ يوم من الدار، تسعى معه في الأسواق، داعيةً بدعوته، دافعةً عنه بالكلمة والناب والمخلب ما يناله به عدوّه اللئيم من سطو الألسن وبطش الأكفّ، دفع إناث الأُسود الضواري عن أشبالها الصغار. لكنّها ظلّت وما هيّئت له. بكلّ الرجاء، وكلّ الخوف، وكلّ الاهتمام، كانت تتابع الوقائع وهي تترى سراعاً فوق رقعة النضال، مع كرّ الأيام، فلا تكاد ترى منها إلاَّ حصيلة الإسلام في قوائم الربح والخسارة، وتوالي موجاته المتلاحقة وهي تسجّل مدّه وانحساره. وكان بيّناً لها أنّه لم يعد ثمّة خسار، بل بدت الدعوة أصلب عوداً، وأشدّ ثباتاً، وأقدر على مواجهة هبات الريح بل عصفات[678] الأعاصير. وإذا كانت الأحداث دلّت على أنّ الرسول ـ بالصبر والصلابة والجهد الذي يفدح العصبة أُولي العزائم، وتخرّ له الجبال دكّاً ـ قد استطاع، يوماً يوماً، وساعةً ساعةً، أن يقتلع من تربة الشرك القشفاء[679] رجلاً من هنا كان غائصاً في حمأة[680] الضلالة حتى أُذنيه، ورجلاً آخر مثله من هناك، فإنَّ الزهراء لاحت أدنى إلى أن تكون أكثر تفتّحاً للأمل منها للقنوط، وأعظم تفاؤلاً بالغد المقبل منها بالأمس المدبر، وأرسخ ثقةً اليوم بقرب انتصار الإسلام منها فيما مضى من أيام.