وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وأبى أن يطمس عقله، ويهوّن على نفسه هذا الهوان، فإن هو إلاَّ أن حانت فرصة حتّى انطلق إلى محمد بداره، يسمع منه، فيعلم أأوهموه أم صدقوه. قال له: يا محمد، إنّ قومك ما برحوا يخوّفونني أمرك حتّى سددتُ أُذنيَّ بكُرسُف[664] لئلاّ أسمع قولك، ثم أبى الله إلاَّ أن يسمعني، فسمعت قولاً حسناً، فاعرض عليَّ أمرك[665]. ذلك أنّ المصادفة ساقته مرّة إلى المسجد ومحمد يصلّي ويتلو بعض آيات القرآن، فتذوّق فيها ـ بحسّه الشاعري ـ حلاوةً لم يذق مثلها في غيره من كلام تردّد على ألسنة عمالقة الشعراء وأعلام البلاغة والبيان، وأقبل على الرسول يصغي بكلّ سمعه إلى سرّ ما وقع بينه وبين قريش من خلاف، ثم أقبل بكلّ عقله يتفهّم معنى الإسلام، ثم أقبل بكلّ كيانه يتحسّس ما يتلى عليه من قرآن. فما أن سكت محمد، حتّى أحسّ الطُفَيل أنّه لا يكاد يجد لجسمه ثقلاً، كأنّما تحوّل إلى نور، وأشرفت عيناه، وفاض دمعه وهو ينطق كلمة الإيمان، ثم قال: يا نبي الله، إنّي امرؤ مطاع في قومي، وأنا راجع إليهم فداعيهم إلى الإسلام. ولم يفلح كيد الكفّار. * * * وبمثل ما استقبل المشركون الطُفَيل، درجوا على استقبال كلّ وافد إلى البلدة الحرام. نزل مكة من أزدشنوءة «ضمّاد» الأزدي، فأسرع إليه سفهاء قريش يقدّمون بين يديه العيب في محمد، والإزراء عليه، ما اتّسعت لهم لغة القدح والهجاء، لعلّهم ينفّرونه منه، ويباعدون بينه وبين الدعوة الإسلامية أن تروقه، فيبلّغها قومه، وتكون الطامّة.