وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والذين عاضدوا[556] محمداً على حرف، كان من الطبيعي أن يدركوا ـ أو كثرتهم ـ أنّهم غدوا منه أقرب، ربّه أعرف، وله أطوع منهم قبل بدء الحصار. ربّما لأنّهم عايشوه، أو خايلتهم منه أقباس نور، أو شاموا في الغد المقبل الرجاء، أو استوعبوا عبرة التجربة التي فرقت الحقّ من الباطل، ومازت[557] الطيّب من الخبيث. لا جرم ولا جدال، فحياتهم قبل صحبتهم له بمنفاه كانت تيهاً هائلاً من الفراغ، أرواحهم كانت جوعى، وأفئدتهم ظماء[558]، كانوا كمثل التربة البكر، تتوق للقطر، وتنتظر المحراث، ليخرج زرعها شطأه، وينشر النضرة والخير. ولابدّ قد تأثرّوا به، لابدّ قد طوفوا مع دعوته إلى الإسلام ببعض جوانب الحكمة الربانية تطوافهم خُشّعاً بالمسجد الحرام، لابدّ قد استهواهم ترتيله القرآن، وتفصيله آياته، وتحليله معانيه استهواء الرحيق النحل، والضياء الفراشات، والخضرة العصافير. كانت نفوسهم ترفرف مع أفكاره حول الذكر، تحويم الطير حول مواطن الحبّ والماء، انتجاعاً[559] لما يسدّ الرمق، ويطفئ الأوام[560]، فتغدو وهي صَديا خِماص[561]، وتوشك أن تروح وهي ريا بطان[562]. ولم لا؟ فلعلّ الله أن يفتح لهم باب الطاعة، لعلّه أن يرزقهم الهداية (وَكَأَيِّن مِن دَابَة لاَ تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُهَا)[563]. أو كأنّهم النحل إذ أوحى ربّك إليها: (أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ