وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

يعبدون، وتواصوا بالنَفْر في البلدان التماساً للحنيفية: ملّة إبراهيم، وهدوا إلى التوحيد. كان في قريش ذا مكانة وقدر معلوم، وكان ينشد الحقيقة الواحدة أيّ نشدان، بشفيف روحه، وصفاء نفسه، علم ما لم يكونوا يعلمون، أو ما قد أنساهم إيّاه الشيطان، فداس الشرك، ونبذ الأصنام، وحرّم الميتة والدم، ونهى عن قتل الموؤدة. في كلّ منحىً ومتّجه كان يرهف حسّه، ويصمد إلى خالق الوجود يناجيه: اللّهم لو أنّي أعلم أيّ وجه أحبّ إليك لعبدتك به. فإذا دخل الحرم انتحى بعيداً عن أرباب القوم، وسجد على راحتيه، مستقبلاً الكعبة وقال: لبّيك حقّاً، تعبّداً وصدقاً[455]. وقد التمس زيد هداه فيما أدرك من الحنيفية، لكنّه ظلّ يرتاد مناهلها أينما كانت، عسى أن يقع منها على نسيّ منسيّ فيزداد علماً، ويصدر وهو ريّان. ولم يكن يخفي هذا الذي أدركه عن قومه، بل كان ينشره على رؤوس الأشهاد، كان يزري عليهم أن يعبدوا ما لا يضرّ ولا ينفع، ولا تقرّه العقول، وكان يسوءهم في آلهتهم، فيعيبها ويرميهم بالأفن[456] والسفاه، وكثيراً ما باهاهم متحدّياً، فقال: ما أصبح منكم أحد على دين إبراهيم غيري. فكأنّما كان يردّد حينذاك بلسان حاله، وبمنطق الفطرة النقية ما أوحى به الله من بعد، في محكم التنزيل إلى الرسول: (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إلى صِرَاط مُسْتَقِيم دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[457]. وهل الحنيفية إلاَّ الإسلام؟ * * *