وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

أمّا أن تكتمل لامرئ حواسه حادّةً مشحوذةً، ثم نراه لا يلمّ بما يقع في نطاقها من محسوسات، فذاك هو التعطيل الإرادي لقدراته الحسّية، أو المحال الذي لا يكون إلاّ أن يشاء صاحب الحاسة ـ تظاهراً أو طواعية ـ أن يلزم نفسه إنكار الواقعي الحقيقي، ويأخذها بتصديق الوهمي المحال. وكذلك كان موقف أهل مكة من الرسول، فلماذا هذا الإنكار؟ * * * لقد[439] يكون للقوم عذر إذ ينكرون ما جاءهم على ألسنة بعض الرهبان والأحبار من أخبار أعلنت عن نبوة محمد قبل أن يبعثه الله، لأنّها أخبار إنّما أتتهم من أطواء عقائد وأديان لا يؤمنون بها، فهي إذاً حريّة منهم بالإغفال دون الاهتمام، وبالإنكار دون الإقرار. وهم قد يعذرون أيضاً حين تنبو بهم تكهّنات الكهّان التي تحدّثت متنبّئةً بظهور الدين الجديد وصفات نبيّه، إذ لعلّها ـ في رأيهم ـ ضروب من ضغث[440] القول تنفّس عن هزّات نفسية، أو مجرّد رجم بالغيب تحكمه الصدفة ولا تحكمه طبيعة الأُمور، ومن ثَمَّ فتلكم التكهّنات خليقة بإخراجها من إطار الحقائق، وإدخالها في نطاق المدّعيات، وهي هكذا أولى بأن يفترض أنّها تخيب لا أن تصيب. ثم لا تثريب لو أنّهم وضعوا في الحسبان أنّ هذه الأحاديث وتلك قد تناثرت آحاداً على منبسط من المكانية فسيح، ومدىً من الزمانية غير قصير، فنقصتها القدرة على التماسك والالتحام، كمثل قطر الرذاذ الخفيف ما أن تسقط القطرة منه حتّى تتبدّد في الهواء قبل أن تبلغ الأرض أو تتحوّل إلى بخار. ثم هي لم تقابل إلاَّ فرادى من الناس قليلين جدّ قليلين، واحداً هنا وواحداً هناك، فلم تقرّ ـ إن هي قرّت ـ إلاَّ في أخلاد أفراد متفرّقين، فعدمت قوة التجمّع