الانتصاف لكلّ مظلوم من ظالمه وإن كان الظالم هو القريب، والمظلوم هو الغريب. قال الزبير: حَلَفْتُ لنَعْقِدَن حِلْفاً عليهِم *** وإنْ كُنّا جميعاً أَهلَ دارِ نُسمِّيهِ الفُضُولَ إذا عَقَدْنا *** يَعِزُّ بهِ الغَريبُ لَدَى الجِوَارِ ويَعلَمُ من حَوالي البَيْتِ أَنّا *** أُباةُ الضَيْمِ نَهجُرُ كلَّ عارِ[410] وفعلوا، اجتمعوا وتعاقدوا وحلفوا:«لنكوننّ يداً واحدةً على الظالم مع المظلوم، ما بلَّ بَحرٌ صُوفَه، وما رسا مكانيهما حراء وثَبير». أمّا اجتماعهم فإنّه التأم بدار عبدالله بن جُدْعان[411]، وإنّه عندئذ لصاحب شرف وفضل، ومن المكرمات وطيب الشيم في ذروة عليّة، ذاع بها في العرب ذكره، وتضوّع عطره، حتّى لنرى أُمية بن أبي الصلت[412] ـ وهو موحّد انشغل عن الدنيا ومن فيها بأمر الآخرة ـ قد نظم شعراً جرى بمديحه وحمده، جاء فيه: أَأَذكرُ حاجَتي أَم قَد كَفَاني *** حياؤُك؟ إنَّ شيمتَكَ الحياءُ إذا أَثنى عليكَ المَرءُ يوماً *** كَفَاهُ من تَعرُّضِكَ الثَناءُ