وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فهل هذه السمات في الزهراء طبيعة أم هي انطباع؟ بل طبيعة وانطباع، كلا الأمرين في الفتاة يلتقيان. من هوس الضجّة، وعربدة اللهو، وعبث اللغو، وسقط الهراء، عصمها الله، عصمها لأنّها موهوبة للكمال، ولأنّ في دمائها ـ من أبيها ـ نواة لهذا الكمال، ولانّ حياتها في أحضانه طبعتها بما جبل عليه من خصال. بطبعها وانطباعها هي خليقة بأن تعفّ عن المباذل، حريّة بأن تمتنع عن أيّة بادرة قد تنزل بها ـ ولو قيد شعرة ـ عن قدرها الرفيع، حقيقة بأن تتسامى بسلوكها الإنساني إلى صفاتها النورانية التي تضعها على قمة المكارم. تفعل هذا وإن هو جافى السلائق البشرية إبّان عمرها الغضّ الذي ما زال بعد في مستهلّه، وما قطعت من رحلة حياتها على دنياها إلاّ ما يساوي مثل عمر الزهور. أفهي للجلال منذورة أم هي به مأمورة؟ بل تفعل وإنّها لمختارة، تفعل لأنّ فكرها أكبر من عمرها، ولأنّ طاقتها الروحية أوسع من طاقة جسدها الضئيل، تفعل تطلّعاً إلى غد عظيم حافل، إن لم تكن تلحظ برأي العين وقائعه المقبلات فإنّها ترمقه بعين الشعور، تفعل لتتمرّس بالجدّ، وتعيش الصبر، وتتزوّد بالمعرفة، وتتدرّب على مجالدة الخطوب ومجابهة جلائل[346] الأمور. والبشائر تنبئ عن أحداث جِسَام، والمسيرة أمامها عسيرة، والطريق طويل، والمعاناة المنتظرة مفازة وعرة من جلاميد وأشواك، يلفّها ظلام كثيف يحشو الأبصار فيشقّ اجتيازها على السُراة[347]. أمّا الصغيرة الأثيرة فإنّها تشعّ الضياء، ولأنّها شفّافة النفس، ولأنّها مشرقة الوجدان، ولأنّها مصوغة من إيمان. فلقد كانت ترى في الدياجير[348]، برمقها الكاشف ترى البعيد، بقلبها الملهم