العباسيّين أميراً ووالياً على المدينة المنوّرة عام 150 هـ ، فصحبها والدها إلى المدينة المنوّرة، وكان عمرها آنذاك خمس سنوات، فحفظت القرآن الكريم، وأجادت تفسيره، وتفقّهت في دين الله، فأحبّها أهل المدينة حبّاً مقروناً بالإجلال والتعظيم; لما اشتهرت به من الزهد والتقوى والصلاح، كما كانت كثيراً ما تلازم قبر جدّها رسولنا الكريم (صلى الله عليه وآله). عُرفت السيدة نفيسة رضي الله عنها بالعديد من الألقاب، فهي «نفيسة الدارين» لعوارفها، وصنائعها، وشفاعتها يوم القيامة. وهي «نفيسة العلم» لما استنبطته من العلم، واستجلته من غوامضه، وما نثرته على طالب الاستفادة منه. وهي «نفيسة الطاهرة» لطهارتها وتعبّدها. وهي «نفيسة العابدة» لعبادتها وتقواها. وهي «نفيسة المصريّين» لحبّ أهل مصر لها[371]. ولمّا بلغت السيدة نفيسة سنّ الزواج، رغب بها شباب آل البيت من بني الحسن والحسين رضي الله عنهما، كما تهافت على خطبتها الكثير من شباب أشراف قريش; وذلك لما عرفوه من خيرها وبرّها، ودينها وصلاحها وتقواها... وكان أبوها يأبى عليهم جميعاً، ويردّهم ردّاً جميلاً، إلى أن أتاها إسحاق المؤتمن ابن جعفر الصادق (رضي الله عنه)، فخطبها من أبيها. وبزواج إسحاق من السيدة نفيسة اجتمع في بيتها ـ على حدّ قول المؤرّخين ـ نوران: نور الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة. وممّا ذكره المقريزي بهذا الشأن قوله: «... وتزوّج بنفيسة رضي الله عنها إسحاق بن جعفر الصادق (رضي الله عنه)، وكان يقال له: إسحاق المؤتمن، وكان من أهل الصلاح والخير، والفضل والدين...»[372].