وقد كرّس هذا الودّ والحبّ لأهل البيت (عليهم السلام) في مصر وجود مقامات مشرّفة متعدّدة منها: مسجد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ومقام رأسه الشريف الذي قد دُفن فيه، ومسجد ومرقد السيدة زينب ابنة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، حيث يعتقد المؤرّخون بأنّها دُفنت فيه، ومسجد ومرقد السيدة نفيسة ابنة زيد بن الحسن بن علي ابن الإمام الحسن المجتبى (عليهم السلام)، وزوجة السيد إسحاق ابن الإمام الصادق (عليه السلام) التي رافقته إلى مصر وماتت ودُفنت فيها. ومن الآثار المتميّزة فيها: وجود لوحة جميلة تزيّن أحد أبواب حرم السيدة نفيسة، مكتوب عليها فقرة من دعاء «الافتتاح» الشهير، المنقول عن الإمام المهدي (عليه السلام)، وهي «اللّهم إنّا نرغب إليك في دولة كريمة، تعزّ بها الإسلام وأهله، وتذلّ بها النفاق وأهله...» كما أنّ هناك مجموعة أُخرى من الألواح النفيسة داخل الحرم، تتضمّن مقاطع من ذكر ومدح أهل البيت (عليهم السلام). وينقل المؤرّخون كرامات كثيرة، ودعوات مستجابة لهذه المراقد الشريفة. ومن المشاهد التي أثارت دهشتي: الاحتفال الجماهيري الضخم بمناسبة مولد الإمام الحسين (عليه السلام)، وحين تواجدي في مصر تلقّيت دعوة من شيخ الطريقة العزمية ـ وهي إحدى الطرق الصوفية في مصر ـ لحضور مراسم إحياء ذكرى مولد سبط النبي (صلى الله عليه وآله) الإمام الحسين (عليه السلام) الذي أُقيم في جوار المسجد الحسيني، ولبّيت الدعوة بشوق، وقصدت السرادق الخاصّ المعدّ للضيوف، ففوجئت بالسيل البشري من المسلمين المصريّين ـ والذي قدّرته الصحف المصرية آنذاك بحوالي مليوني نسمة ـ كانوا قد توافدوا من القاهرة، ومن مختلف المدن المصرية القريبة منها والبعيدة; للمشاركة في إحياء هذه الذكرى الإسلامية الكبرى. وقد راعني أنّني لم أر قط مثل هذا العدد من المشاركين في أيّ مكان آخر، حيث كانت جميع الشوارع المؤدّية إلى مسجد سيدنا الحسين (عليه السلام) مزدحمة بالوافدين، وقد أُغلقت كلّها بوجه مرور السيارات ووسائل النقل المختلفة، ولا يجد أحد قدرة على