أمّا القول الأغلب والأعمّ ـ والذي يتمسّك به معظم المفسّرين، وكتّاب السيرة النبوية ـ فإنّ المقصود بأهل البيت هم أُسرة النبي الكريم (صلى الله عليه وآله) وبناته وأحفاده[160]. وقد حدّثتنا كتب السيرة النبوية عن هذه الأُسرة الكريمة، سواء فيما يخصّ زوجات النبي (صلى الله عليه وآله) أو فيما يخصّ أولاده وبناته وأحفاده من الذين عاصروا أيامه العظيمة (صلى الله عليه وآله) أو من الذين لم يعاصروا هذه الأيام الطيبة، كما حدّثتنا هذه الكتب نفسها عن أماكن معيشة هؤلاء وأماكن تواجدهم من مولدهم حتّى وفاتهم. وقد اتّضح لنا أنّ غالبية أُسرة النبي (صلى الله عليه وآله) قد عاشت ما بين مكّة والمدينة، ثم استقرّ بها المقام نهائياً في مدينة رسول الله (صلى الله عليه وآله) التي اختارها بعد هجرته الشريفة... وقد ظلّوا يعيشون بالمدينة المنوّرة حتّى توفّاهم الله تعالى، ودفنوا جميعاً بأرض البقيع. وهناك من أحفاد الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) من ترك المدينة المنوّرة متّجهاً إلى العراق، ومنهم من اتّجه إلى مصر، وكان توقيت ذلك قد بدا واضحاً بعد مقتل عثمان بن عفان، ثم حدث ما حدث من خلاف بين المسلمين الذين انقسموا بين مؤيّدين لعلي بن أبي طالب، ومؤيّدين لمعاوية بن أبي سفيان. هذا الخلاف كان بداية تفرّق أحفاد رسولنا الكريم (صلى الله عليه وآله) وتركهم المدينة: إمّا إلى العراق حيث الحرب ضدّ الفتن، وإمّا إلى مصر، طلباً للأمان، وفراراً من البطش والعدوان.