نرجع إليهم. فقال علي (عليه السلام): إنّي محدّثكم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال: إنّ طائفة تخرج من قبل المشرق عند اختلاف الناس، لا يرون جهادكم مع جهادهم شيئاً ولا صلاتكم مع صلاتهم شيئاً، ولا صيامكم مع صيامهم شيئا، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة، علامتهم أنّ فيهم رجلاً عضده كثدي المرأة، يقتلهم أولى الطائفتين بالحقّ». فسار علي إليهم، فاقتتلوا قتالاً شديداً، وجعلت خيل علي (عليه السلام) لا تقوم لهم. فقال علي (عليه السلام): «أيّها الناس، إن كنتم إنّما تقاتلون لي فوالله ما عندي ما أُجازيكم به، وإن كنتم تقاتلون لله فلا يكن هذا قتالكم». فحملوا عليهم، فقتلوهم كلّهم. فقال: «اتبعوا المخدّج، فطلب فلم يوجد. فركب علي (عليه السلام) دابّته، وانتهى إلى وهدة من الأرض، فإذا فيها قتلى بعضهم على بعض، فاستخرج من تحتهم يجرّ برجليه، فرآه الناس. فقال علي ((عليه السلام)): «لا أغزو العلم».[941] (805) شرح الأخبار: عن عبد الله بن عبّاس: أنّه قال: لمّا خرجت الحرورية اعتزلوا في دار، وكانوا ستّة آلاف. فقلت لعلي (عليه السلام): يا أمير المؤمنين، أبرد بالظهرا[942] لعلّي أُكلّم هؤلاء القوم، فإنّي أخافهم عليك. فصلّى وصليت معه، ثمّ دخلت عليهم الدار نصف النهار ـ وهم يأكلون ـ. فقالوا: مرحباً بابن عبّاس، فما جاء بك؟ فقلت: أتيتكم من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) المهاجرين والأنصار، ومن عند ابن عم النبي وصهره، وعليهم نزل القرآن، وهم أعلم بتأويله منكم، وليس فيكم منهم أحد لأبلغكم ما يقولون وأبلغهم ما تقولون... فرجع منهم. ألفان، وخرج سائرهم، فخرج إليهم علي (عليه السلام)، فقتلهم على ضلالتهم، وقاتلهم معه المهاجرون والأنصار وأهل البصائر من المسلمين.[943]