وترعرع عيسى، فهمّت به بنو إسرائيل، فخافت أُمّه عليه، فأوحى الله إليها: أن تنطلق به إلى أرض مصر، فذلك قوله: (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً)[80]. قال: فسئل ابن عبّاس: ألا كان آيتان؟ فقال ابن عبّاس: إنّما قال: (آية) لأنّ عيسى من أُمّه، ولم يكن من أب، لم يشاركها في عيسى أحد، فصار آية واحدة: (وَآوَيْنَاهُمَا إلى رَبْوَة ذَاتِ قَرَار وَمَعِين)[81] قال: يعني: أرض مصر.[82] عن طريق الإماميّة: 50 ـ يزيد الكناسي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام): أكان عيسى بن مريم (عليه السلام)ـ حين تكلّم في المهد ـ حجّة الله على أهل زمانه؟ فقال: «كان يومئذ نبيًّا حجّة الله غير مرسَل. أما تسمع لقوله، حين قال: (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاة وَالزَّكَوةِ مَا دُمْتُ حَيًّا)[83]»؟! قلت: فكان يومئذ حجّةً لله على زكريّا في تلك الحال، وهو في المهد؟ فقال: «كان عيسى في تلك الحال آيةً للناس ورحمةً من الله لمريم حين تكلّم، فعبّر عنها، وكان نبيًّا حجّةً على من سمع كلامه في تلك الحال. ثمّ صمت، فلم يتكلّم حتّى مضت له سنتان. وكان زكريّا الحجّة لله عزّ وجلّ على الناس بعد صمت عيسى بسنتين. ثمّ مات زكريّا، فورثه ابنه يحيى الكتاب والحكمة، وهو صبيٌّ صغيرٌ. أما تسمع لقوله عزّ وجلّ: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّة وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا)[84]؟! فلمّا بلغ عيسى (عليه السلام)سبع سنين تكلّم بالنبوّة والرسالة حين أوحى الله تعالى إليه. فكان عيسى الحجّة على يحيى وعلى الناس أجمعين. وليس تبقى الأرض ـ يا أبا خالد ـ يوماً واحداً