يعمل به. ما أكثر ثمار الشجر وليس كلّها ينفع ولا يؤكل! وما أكثر العلماء وليس كلّهم ينتفع بما علم! فاحتفظوا من العلماء الكذبة الذين عليهم لباس الصوف، منكّسين رؤوسهم للأرض، يطرفون من تحت حواجبهم كما يرمق الذباب! قولهم مخالف فعلهم، من يجتني من الشوك العنب ومن الحنظل التين؟! كذلك لا يثمر قول العالم الكذّاب إلاّ زوراً. إنّ البعير إذا لم يوثقه صاحبه في البرية نزع إلى وطنه وأصله، وإنّ العلم إذا لم يعمل به صاحبه خرج من صدره وخلا منه وعطّله. وإن الزرع لا يصلح إلاّ بالماء والتراب، كذلك لا يصلح الإيمان إلاّ بالعلم والعمل. ويلكم يا عبيد الدنيا! إنّ لكلّ شيء علامة يعرف بها وتشهد له أو عليه، وإنّ للدين ثلاث علامات يعرف بهنّ: الإيمان، والعلم، والعمل».[625] 520 ـ وعنه، قال: قال عيسى: «يا علماء السوء، جلستم على أبواب الجنّة، فلا أنتم تدخلون الجنّة، ولا تدعون المساكين يدخلونها! إنّ شرّ الناس عند الله عالم يطلب الدنيا بعلمه».[626] 521 ـ عيسى المرادي، قال: قال عيسى بن مريم: «... طوبى لمن كان بصره في قلبه، ولم يكن قلبه في بصر عينه. ما أبعد ما فات، وما أدنى ما هو آت! ويل لصاحب الدنيا كيف يموت وتتركه، ويثق بها وتغرّه، ويأمنها وتمكر به؟! ويل للمغترّين، قد أزفهم ما يكرهون، وجاءهم ما يوعدون، وفارقوا ما يحبّون في طول الليل والنهار! فويل لمن كانت الدنيا همّه والخطايا عمله، كيف يقتضي غداً بربّه! ولا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فتقسوا قلوبكم وإن كانت ليّنة، فإنّ القلب القاسي بعيد من الله، ولكن لا تعلمون... مذ متى تدرسون الحكمة ولا تلين لها قلوبكم بقدر ما تواضعون كذلك ترحمون، وبقدر ما تحرثون كذلك تحصدون. علماء السوء مثلهم