احكم في عبادي بنصحي، وقم فيهم بعدلي، فقد أنزلت عليك شفاءً لما في الصدور من مرض الشيطان. يا عيسى، لا تكن جليساً لكلّ مفتون. يا عيسى، حقّاً أقول: ما آمنت بي خليقةٌ إلاّ خشعت لي، ولا خشعت لي إلاّ رجت ثوابي; فاشهد أنّها آمنةٌ من عقابي، ما لم تبدّل أو تغيّر سنّتي. يا عيسى ابن البكر البتول، ابكِ على نفسك بكاءَ مَن ودّع الأهل، وقلى الدنيا وتركها لأهلها، وصارت رغبته في ما عند إلهه. يا عيسى، كن مع ذلك تلينُ الكلام وتفشي السلام، يقظان إذا نامت عيون الأبرار، حذراً للمعاد والزلازل الشداد وأهوال يوم القيامة، حيث لا ينفع أهل ولا ولد ولا مال. يا عيسى، اكحل عينك بميل الحزن، إذا ضحك البطّالون. يا عيسى، كن خاشعاً صابراً; فطوبى لك إن نالك ما وُعد الصابرون. يا عيسى، رُح من الدنيا يوماً فيوماً، وذُق لما قد ذهب طعمه. فحقّاً أقول: ما أنت إلاّ بساعتك ويومك; فرح من الدنيا ببلغة، وليكفك الخشن الجشب; فقد رأيتَ إلى ما تصير ومكتوب ما أخذت وكيف أتلفت. يا عيسى، إنّك مسؤول، فارحم الضعيف كرحمتي إيّاك ولا تقهر اليتيم. يا عيسى، ابكِ على نفسك في الخلوات، وانقل قدميك إلى مواقيت الصلوات، واسمعني لذاذة نطقك بذكري، فإنّ صنيعي إليك حسنٌ. يا عيسى، كم من أُمّة قد أهلكتها بسالف ذنوب قد عصمتك منها. يا عيسى، ارفق بالضعيف، وارفع طرفك الكليل إلى السماء، وادعني فإنّي منك قريبٌ، ولا تدعني إلاّ متضرّعاً إليَّ، وهمُّك همّاً واحداً. فانّك متى تدعني كذلك أُجبك. يا عيسى، إنّي لم أرضَ بالدنيا ثواباً لمن كان قبلك، ولا عقاباً لمن انتقمت منه. يا عيسى، إنّك تفنى وأنا أبقى، ومنّي رزقك، وعندي ميقات أجلك، وإليّ إيابك، وعليّ حسابك. فسلني، ولا تسأل غيري، فيحسن منك الدعاء، ومنّي الإجابة.