(ج) الصلاة ركعتين عند مقام إبراهيم (عليه السلام): وهذا العمل في الواقع يوحي بالإنضمام إلى العائلة الإبراهيميّة والمسيرة الإبراهيميّة عبر التاريخ. وعلى صعيد الصلة بالله فهو يحمل كلّ إيحاءات الصلاة الضخمة، بالإضافة إلى إيحاءات المكان، كما سيأتي الحديث عنها بعد هذا. (د) السعي بين جبلي الصفا والمروة: وفي السعي أيضاً أجمل الايحاءات للشعور الإنساني، وربّما كان أهمّها بيان عناصر التحرّك الإنساني الصحيح في نظر الإسلام وهي: 1 ـ الحركيّة المستمرة. 2 ـ بذل الجهد والكدِّ والكدح وتحمُّل الكَبَد، قال تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنا الإنسان في كَبَد) ([37]). 3 ـ التحرّك بنيّة القربة إلى الله. 4 ـ التحرّك ضمن حدود الله وعلى منهج الله. 5 ـ متابعة مسيرة الصالحين، وتقليد الخطّ المؤمن، والتضحية في سبيل الهدف. وذلك يبدو إذا لاحظنا أنّ العمليّة ـ كما في بعض الروايات ـ هي انعكاس لعمليّة تضحويّة كبرى قامت بها اُمُّ إسماعيل (عليه السلام) وهي تبحث عن ماء يروي ظمأ ولدها العزيز، وذلك بعد أنْ رضيت الاستسلام لأمر الله بالبقاء في أرض غير ذات زرع ولا ماء. وبتعبير آخر: فإنّ القيام بهذا المنسك هو إعلانٌ عن الانضمام إلى العائلة الإبراهيميّة الذي يتمُّ عند التقصير إشعاراً بكونه عضواً في عائلة التوحيد والتسليم الكبرى (مِلَّةَ أبيكُم إبراهيم هُوَ سَمّاكُم المُسْلمينَ مِنْ قَبل) ([38]). وبهذا تصبُّ في مشاعر الإنسان الحاجّ كلُّ معاني المقاومة للطواغيت الأرضيّة من