وهكذا كان شعاره الرائع: (أسلمت لربّ العالمين) ([29]). وفي مجال صراعه مع الكفر والكافرين يقف إبراهيم (عليه السلام) بطلاً توحيديّاً لا يخشى في الله لومة لائم، ويصرخ بوجه نمرود، ويجادل عَبَدَة الكواكب، ويقارع الأصنام، حاملاً فأسه التاريخيّة، ساخراً من تلك الأصنام قائلاً: (ألا تأكلون مالكم لا تنطقون) ([30]). ويعلن العداء للمشركين والبراءة منهم: (قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون * أنتم وآباؤكم الأقدمون * فإنّهم عدوٌّ لي إلاّ ربّ العالمين * الذي خَلَقني فَهُو يَهْدين * والذي هو يُطْعمني وَيَسْقين * وإذا مرضت فهو يشفين * والذي يُميتني ثمَّ يُحيين) ([31])، ويتبرّأ حتّى من أبيه عندما يتبيّن شِركَه، ويعلنها حرباً ضدّ الشرك قائلاً: (إنّا بُرآؤا منكم وممّا تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتّى تؤمنوا بالله وحده...) ([32]). وهكذا يشكّل إبراهيم (عليه السلام) الاُسوة الحسنة لكلّ المؤمنين عبر التاريخ. فإيمانه يصل إلى حدّ اليقين، وتأمّله يستوعب الكون، ودعوته تتلخّص في التوحيد، وأساليبه في الدعوة متنوّعة، واهتمامه بتعبيد البشريّة لله يتجاوز عصره إلى كلّ العصور، وصراعه الفكري والعملي يشمل كلّ الأصنام، وهو في ذلك لا يخشى أحدا إلاّ الله تعالى. وتضحياته في سبيل هدفه متوالية، وبالتالي فهو يمتلك كلّ الصفات الإنسانية العُليا. يقول سبحانه وتعالى: (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو اُنثى وهو مؤمنٌ فاُولئكَ يَدخُلُون الجنّة ولا يُظْلَمُونَ نقيراً * ومن أحسن ديناً ممّن أسلم وجهه لله وهو