وانقضت خلافة أبي بكر وخلافة عمر والأُمور تجري في مجراها الذي يأخذ على المطامع سبيلها، ويخيف أصحاب الفتن أن يبرزوا بها من جحورها. حتّى قامت خلافة عثمان بن عفّان فانتصر بها الأُمويون أيّما انتصار ; لأنّه رأس من رؤوسهم وابن عمٍّ قريب لزعماء بيوتهم، وأصبحت الدولة الإسلاميّة أُمويّة لا يطمع في خيراتها ولا ولاياتها إلاّ من كان من أُميّة أو من حزبها. فمروان بن الحكم([135]) وزير الخليفة الأكبر يغدق العطاء على الأقرباء ويحبسها عن سائر الناس([136])، ومعاوية بن أبي سفيان والي الشام يجتذب إليه الأقرباء والأولياء ومن يرجى منهم العون ويخشى منهم الخلاف. فلمّا قتل عثمان (رضي الله عنه) كان المنتفعون بمناصب الدولة وأموالها جميعاً من الأُمويين أو من صنائعهم المقرّبين، ومال السلطان إلى جانب أُميّة على كلّ جانب آخر من القرشيين وغير القرشيين. * * *