السيادة على قريش، ثمّ السيادة من هذا الطريق على الأُمّة الإسلاميّة بأسرها. فدخل على علي والعبّاس يثيرهما ويعرض عليهما المعونة بما في وسعه من خيل ورجل، فنادى بهما: « يا علي ! وأنت يا عبّاس !.. ما بال هذا الأمر في أذل قبيلة من قريش وأقلّها ؟ والله لو شئت لأملأنّها عليه ـ ] أي: [ على أبي بكر ـ خيلاً ورجلاً وآخذنّها عليه من أقطارها ». وهو لا ريب لم يغضب لأنّ الخلافة قد فاتت بني هاشم، ولا كان يسرّه أن تصير الخلافة إليهم فتستقرّ فيهم قراراً لا طاقة له بتحويله، ولكنّه أراد خلافاً يفتح الباب لزعامة أُمويّة يملك بها زمام قريش والدولة العربيّة جمعاء. فلم يخف مقصده هذا على علي (رضي الله عنه)، وقال له: « لا والله، لا أُريد أن تملأها عليه خيلاً ورجلاً، ولولا أنّنا رأينا أبا بكر لذلك أهلاً ما خلّيناه وإيّاها ». ثمّ أنّبه قائلاً: « يا أبا سفيان !.. إنّ المؤمنين قوم نصحة بعضهم لبعض، وإنّ المنافقين قوم غششة بعضهم لبعض، متخاونون وإن قربت ديارهم وأبدانهم »([134]).