مهاجمته من جميع نواحيه. وكان معه اثنان وثلاثون فارساً وأربعون راجلاً.. وهم نيّف وأربعة آلاف يكثر فيهم الفرسان وراكبوا الإبل ويحملون صنوفاً مختلفة من السلاح([425]). ومع هذا التفاوت البعيد في عدد الفريقين كان المعسكر القليل كفؤاً للعسكر الكثير لو جرى القتال على سنّة المبارزة التي كانت دعوة مجابة في ذلك العصر إذا اختارها أحد الفريقين. فإنّ آل علي جميعاً كانوا من أشهر العرب ـ بل من أشهر العرب والعجم ـ بالقوّة البدنيّة والصبر على الجراح والاضطلاع بعناء الحرب ساعات بعد ساعات، ومنهم من كان يلوي الحديد فلا يقيمه غيره.. ومنهم محمّد بن الحنفيّة الذي صرع جبابرة القوّة البدنيّة بين العرب والعجم في زمانه، ومن أشهر هؤلاء الجبابرة رجل كان في أرض الروم يفخر به أهلها.. فأرسله ملكهم إلى معاوية يعجّز به العرب عن مصارعته واتّقاء بأسه. فجلس محمّد بن الحنفية وطلب من ذلك الجبّار الرومي أن يقيمه، فكان كأنّما يحرّك جبلاً لصلابة أعضائه وشدّة أسره. فلمّا أقرّ الرجل بعجزه رفعه محمّد فوق رأسه ثمّ جلد به الأرض مرّات([426]).