وصول هذا التراث الإسلامي الغزير الذي نجده الآن بين أيدي جمهور المسلمين. فقد أخذ عن الإمام الباقر(عليه السلام) مجموعة كبيرة من العلماء والرواة الموثوقين، كما أخذ عن الإمام الصادق(عليه السلام) علماء آخرون منهم الإمامان المعروفان أبو حنيفة محمد بن النعمان ومالك بن أنس.وقد كان كل من الإمامين الباقر والصادق (عليه السلام) في موضع من القوة والعزة الاجتماعية والسياسية في ذلك العصر مالا ينكره أحد من المسلمين حتى عرضت الخلافة في زمن ضعف الأمويين على الإمام الصادق (عليه السلام) من قبل أبي مسلم الخراساني – كما يذكر المؤرخون – فلم يقبلها. ويؤكد هذه الحقيقة موقف بعض مراجع الدين المتميزين الكبار من أتباع أهل البيت عليهم السلام الذين كانوا ولازالوا يمثلون موقع الرمز والقدوة بين علماء وأتباع أهل البيت عليهم السلام. حيث نلاحظ فيهم وراثة هذا الاهتمام والفهم النظري والموقف العملي من قبل المرجعية الدينية – التي هي (موقع ديني واجتماعي خاص) يحظى بالاحترام والقدسية والاتباع لدى شيعة أهل البيت عليهم السلام من الإمامية الاثني عشرية – وذلك منذ الغيبة الصغرى للإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف وهو في عقيدتهم الدينية الإمام الثاني عشر والمولود في سنة 255 والذي لا يزال حياً وغائباً عن الأنظار يقوم بدور الإمامة في مثل هذه الحالة الاستثنائية. وامتياز هؤلاء الأعلام بهذا الاهتمام بصورة واضحة قد يكون لأسباب عديدة ومختلفة تتعلق بأشخاصهم وظروفهم الخاصة أو ظروف المجتمع الإسلامي الذي كانوا يعيشون فيه، ولكن في الوقت نفسه يعبر عن اتجاه فطري وعملي لدى الإمامية كلهم. فمن الرعيل الأول بعد الغيبة الصغرى نجد الشيخ محمد بن أحمد بن الجنيد الاسكافي البغدادي، والشيخ محمد بن علي بن الحسين المعروف بالصدوق، والشيخ محمد بن محمد بن النعمان المعروف بالشيخ المفيد والسيد علي بن الحسين بن موسى المعروف بالشريف المرتضى والشيخ محمد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي. وجاء بعدهم أعلام آخرون في القرون الأخرى مثل الشيخ أبي علي الفضل بن الحسن