أضف إلى ذلك أنّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أمر في غير واحد من الموارد كتابة حديثه، يجدها المتفحص في مصادرها.([121]) ومع هذه الموارد الكثيرة التي رخّص النبي فيها كتابة الحديث، والعمل به، لا يبقى أي شك في موضوعية ما روي عنه(صلى الله عليه وآله وسلم): “من كتب عنّي غير القرآن فليمحه ”. ثانياً: هل يصحّ أن يأمر الله سبحانه بكتابة الدين حفظاً له، واحتياطاً عليه، وفي الوقت نفسه ينهى نبيه عن كتابة الحديث الذي يعادل القرآن في الحجّية؟! ثالثاً: العجب من الأستاذ أنّه سلّم وجه المنع، وهو أن لا يختلط الحديث بالقرآن، وقد نحته الخطيب البغدادي([122]) في كتاب “تقييد العلم ”([123]) مع انّه غير تام، لأنّ القرآن الكريم في أسلوبه وبلاغته يغاير أسلوب الحديث وبلاغته، فلا يخاف على القرآن الاختلاط بغيره مهما بلغ من الفصاحة والبلاغة، فقبول هذا التبرير يلازم ابطال اعجاز القرآن الكريم، وهدم اصوله. والكلمة الفصل أنّ المنع عن كتابة الحديث كان منعاً سياسياً صدر عن الخلفاء لغايات وأهداف خاصّة، والخسارة التي مُني الإسلام والمسلمون بها من جرّاء هذا المنع لا تجبر أبداً، وقد فصلنا الكلام في فصل خاص من كتابنا بحوث في الملل والنحل. ([124]) 2ـ قبل انشاء السجلات العقارية الرسمية التي تحدد العقارات، وتعطي كلاً منها رقماً خاصاً، كان التعاقد على العقار الغائب عن مجلس العقد لابدّ لصحّته من ذكر حدود العقار، أي ما يلاصقه من الجهات الاربع ليتميز العقار المعقود عليه عن غيره، وفقاً لما تقضي به القواعد العامة من معلومية محل العقد. ولكن بعد انشاء السجلات العقارية في كثير من الممالك والبلدان أصبح يكتفى قانوناً في العقود بذكر رقم محضر العقار، دون ذكر حدوده، وهذا ما يوجبه فقه الشريعة، لأنّ الاوضاع والتنظيمات الزمنية أوجدت وسيلة جديدة أسهل وأتم تعييناً