القضاة دائماً نصاب العدالة الشرعية في الشهود ضاعت الحقوق لامتناع الاثبات، فلذا أفتوا بقبول شهادة الأمثل فالأمثل من القوم حيث تقلّ العدالة الكاملة. ومعنى الأمثل فالأمثل: الأحسن فالأحسن حالاً بين الموجودين، ولو كان في ذاته غير كامل العدالة بحدها الشرعي، أي أنّهم تنازلوا عن اشتراط العدالة المطلقة إلى العدالة النسبية.([115]) أقول: إنّ القرآن – كما تفضّل به الكاتب – صريح في شريطة العدالة في تنفيذ شهادته، يقول سبحانه: (وليكْتُبْ بينكم كاتبٌ بالعدلِ)([116]) وقال سبحانه: (وأشهدوا ذوي عدْلٍ منكم)([117]). مضافاً إلى الروايات الواردة في ذلك المضمار، فتنفيذ شهادة غير العدل تنفيذ بلا دليل أو مخالف لصريح الكتاب، ولكن يمكن للقاضي تحصيل القرائن والشواهد التي منها شهادة الأمثل فالأمثل التي تثبت أحد الطرفين على وجه يفيد العلم للقاضي، ويكون علمه قابلاً للانتقال إلى الآخرين من دون حاجة إلى العمل بقول الأمثل فالأمثل. ثمّ إنّ ترك العمل بشهادة غير العدول كما هو مظنّة اضاعة الحقوق، فكذلك هو مظنّة الاضرار على المحكوم عليه لعدم وجود العدالة في الشاهد حتى تصونه عن الكذب عليه، فالأمر يدور بين المحذورين. لو فسّر القائل العدالة بالتحرّز عن الكذب وان كان فاسقاً في سائر الجوارح لكان أحسن من تفسيره بالعدالة المطلقة ثمّ العدول عنها لأجل فساد الزمان. 7ـ أفتى المتأخّرون في اثبات الأهلّة لصيام رمضان وللعيدين بقبول رؤية شخصين، ولو لم يكن في السماء علّة تمنع الرؤية من غيم أو ضباب أو غبار بعد ان كان في اصل المذهب الحنفي، لا يثبت اهلال الهلال عند صفاء السماء إلا برؤية جمع عظيم، لأن معظم الناس يلتمسون الرؤية، فانفراد اثنين بادعاء الرؤية مظنّة الغلط أو الشبهة.