بجواز أخذ الأجور عليها حرصاً على تعليم القرآن ونشر العلم وإقامة الشعائر الدينية بين الناس.([114]) أمّا الفقه الإمامي، فالمشكلة فيه مرتفعة بوجهين: الأول: إذا كان هناك بيت مال معدّاً لهذه الأغراض لا تبذل الأجرة في مقابل العمل، بل الحاكم يؤمّن له وسائل الحياة حتى يتفرّغ للواجب. الثاني: امّا إذا لم يكن هناك بيت مال فإذا كان أخذ الأجرة حراماً منصوصاً عليه وكان من صلب الشريعة فلا يمسّه عنصر الزمان ولكن يمكن الجمع بين الأمرين وتحليله عن طريق آخر، وهو أن يجتمع أولياء الصبيان أو غيرهم ممّن لهم حاجة إلى اقامة القضاء والأذان والافتاء فيشاركون في سد حاجة المفتي والقاضي والمؤذن والمعلم حتى يتفرّغوا لأعمالهم العبادية بلا هوادة وتقاعس، على أنّ ما يبذلون لا يعد أجرة لهم وإنّما هو لتحسين وضعهم المعاشي. وبعبارة أخرى: القاضي والمفتي والمؤذن والمعلم يمارس كلّ أعماله لله سبحانه، ولكن بما انّ الاشتغال بهذه المهمة يتوقف على سد عيلتهم ورفع حاجتهم فالمعنيون من المؤمنين يسدّون عيلتهم حتى يقوموا بواجبهم وإلاّ فكما أنّ الإفتاء واجب، فكذلك تحصيل الضروريات لهم ولعيالهم أيضاً واجب. وعند التزاحم يقدّم الثاني على الأول إذ في خلافه، خوف هلاك النفوس وانحلال الأسرة، ولكن يمكن الجمع بين الحكمين على الطريق الذي أشرنا إليه. 6ـ انّ الشهود الذين يقضى بشهادتهم في الحوادث يجب ان يكونوا عدولاً، أي ثقات، وهم المحافظون على الواجبات الدينية المعروفون بالسرّ والأمانة، وان عدالة الشهود شريطة اشترطها القرآن لقبول شهادتهم وأيدتها السنّة واجمع عليها فقهاء الإسلام. غير أنّ المتأخّرين من فقهائنا لحظوا ندرة العدالة الكاملة التي فسّرت بها النصوص لفساد الزمن وضعف الذمم وفتور الحس الديني الوازع، فاذا تطلب