انطلاق المشروع التجديدي، وهي التي تحدد مساراته العامة في الواقع الاجتماعي كما إنها قد ترسم مدياته المستقبلية وقدرته على الامتداد عبر الزّمن. ان فهم التجديد بهذا التبادر الآحادي من الجانب الفكري وحده يسهم في تحجيم وتقليم التجديد كظاهرة حضارية فاعلة في المسار التأريخي للامم والشعوب ويربك حركتها وتطوراتها ويعيق رقيها باتجاه التكامل والتواصل والتفاعل في الحياة. ان التجديد فعل حضاري محرك ومحفز على المواكبة والاستمرار في كافة مجالات ومناحي الحياة ولم يتحدد باطار معين او نمط محدد وان المجتمع الإسلامي بحاجة دائمة للتجديد وهو ما نصطلح عليه احيانا بالاصلاح فكان ائمة أهل البيت عليهم السلام الرواد الحقيقيون لحركات التجديد الاصلاحية وقدموا ارواحهم في سبيل تحقيق هذا الهدف السامي وهو الاصلاح في الامة. لقد كان أئمة أهل البيت عليهم السّلام الرواد المتفردين في إحياء الدّين، وتجديد الواقع الإسلامي العام من خلال أدوارهم المتنوعة حسب طبيعة الظروف الّتي يعيشها كل إمام والّتي تستدعي القيام بدور خاص تتطلبه الأجواء العامة للحياة الإسلامية. وقد أكد الشّهيد محمد باقر الصّدر على هذه الفكرة وقدم تصوراته المبدعة لها في سلسلة من المحاضرات تحت عنوان: (أهل البيت... تنوع أدوار ووحدة هدف). ونختار من أفكاره بعض الفقرات الّتي تبين رأيه في هذا الخصوص يقول رضوان الله عليه: (وحين ندرس الأئمة ككل ونربط بين هذه النشاطات، وبعضها ببعض ونلاحظ إنّ العمليات وضعت على مدى ثلاثة أجيال، نجد أنفسنا أمام تخطيط مترابط يكمل بعضه بعضا، ويستهدف الحفاظ على تواتر النصوص عبر أجيال عديدة حتّى تصبح في مستوى الوضوح والاشتهار، تتحدى كل مؤامرات الإخفاء والتحديد).(1) ويؤكد رضوان الله عليه على هذه الحقيقة في فقرة أخرى بقوله: