بسم الله الرحمن الرحيم تمهيد الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على نبينا الاَكرم محمد المصطفى الاَمين وآله الطيبين الطاهرين وأصحابهم المنتجبين. الشريعة الإسلامية الخاتمة كانت تتميز بخصائص ومزايا وسمات جعلتها جديرة بان تكون بحد ذاتها دليلاً على عظمة الإسلام وشموليته وخلوده ومواكبته لكل المتغيرات والتطوارات البشرية التي وضع الإسلام حلولاً لكل مشكلات الحياة وتعقيداتها. ومن لوازم المواكبة والاستمرارية للإسلام هو التجديد ضمن ضوابط وشرائط غير دخيلة او غريبة عن شريعة الإسلام ووحي السماء وصلاحيته لكل زمان ومكان. وقد ارتبط مصطلح (التجديد) بالجانب الفكري إلى حد كبير، بحيث صار ينظر إلى هذه المفردة على إنها تقتصر على هذا الجانب دون سواه. وقد انساق وراء هذا الفهم جمهور من الكتّاب والمفكرين والمثقفين، فقيّموا التجديد على إنه ظاهرة فكرية أولا وأخيراً. ومع قبول هذه النظرة بشكل عام وصدق التبادر من التجديد إلى الجانب الفكري إلا انها تبقى غير مستوعبة لكل مصاديق التجديد ومفرداته فالتجديد لا ينحصر على الحقل الفكري وحده، بل يتعداه إلى المجالات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية، باعتباره مشروعاً حضارياً في حياة الأمّة والمجتمع. ومن هنا يكون الفكر أحد آفاق المشروع التجديدي الحضاري، مع التأكيد على قيمة هذا الحقل وموقعه في الحالة الحضارية بشكل عام، على أساس إنَّ البنية الفكرية هي القاعدة الأساسية في