ان المدافعين عن نظرية تعدد القراءات في الفكر الاسلامى(7) ربما كانت أهم منطلقاتهم محاولة الوصول إلى قراءة إسلامية تقبل الواقعيات الحديثة وعطاءات الحضارة الغربية. قد تبدو نظرية “تعدّد القراءات ” مرادفة إلى نظرية “تعدد الاجتهادات ” التي قبلها أهل البيت (عليهم السلام)، ولو كان الأمر كذلك إذن لم يكن أي مبرّر للجدل الساخن، والمعركة المحتدمة التي تشهدها الساحة الإسلامية. الحقيقة أن نظرية “تعدّد القراءات ” تعني مدلولاً آخر بقطع النظر عن الاصطلاح والتسمية. وهذا المدلول يتألف من أمرين: الأمر الأول: نسبيّة المعرفة بمعنى أنه لا يوجد أحد بعد الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) والائمة المعصومين (عليهم السلام) من أهل بيته قادر على استيعاب المعارف الإسلامية كاملة وفي مجالاتها التشريعيّة والاعتقاديّة، ان جميع تصوراتنا عن الإسلام – والذى هو الحق الشامل النازل من عند الحق تعالى – هي تصورات نسبيّة تتأثر بمستوياتنا الفكرية، وموروثاتنا الاعتقاديّة، واجوائنا الاجتماعية، وحالاتنا النفسيّة، وغير ذلك، ولا يمكن أبداً تجريد الفتوى والنظرية التي نحملها عن الإسلام عن تلك الالقاءات والتأثيرات،وهى قد تحوي شيئاً كثيراً من الصواب والحق إلا انها تبقى مصبوغة باللون الذاتى لهذا المجتهد وذلك المفكر وطريقته في التفكير عبر مجمل مكوّناته الشخصيّة. الأمر الثاني: رفض الثوابت المطلقة باستثناء الكبريات الإسلامية فانه لا توجد ثوابت مطلقة لا تخضع للدراسة والنقد العلمى، وفى ضوء ذلك سيكون ادعاء وجود ضرورات إسلامية لا تقبل النقد والجدل، واعتبار المنكر لها جاحداً لأصل الرسالة ومحكوماً بالكفر، هو ادعاء لا دليل عليه.