ان هذا المعتقد الإسلامي سوف يوصد الباب أمام شرعية أي تصرّف وتجاوز لما جاء في الأُصول الإسلامية ويعتبر ذلك جاهليةً وضلالاً “و هل بعد الحق إلا الضلال ”. واذا كان الإسلام هو الدين الخاتم، فلابد أن تكون أحكامه وشرائعة منسجمة مع كل العصور، وقابلة لاستيعاب كل المستجدات. واذا كانت طبيعة المجتمع الذي نزلت به الرسالة الاسلامية قد فرضت لغةً خاصة في التخاطب، وحلولاً لنمط خاص من المشاكل الحياتيّة فإن على فقهاء الاسلام أن يكتشفوا جوهر الحلول والنظريات الإسلامية التي تتمكّن من معالجة قضايا العصر، وتخاطب ابناءه باللغة المناسبة وهو ما يصطلح عليه بـ (المعاصرة) أو “العصرنة ”. ان التوفيق بين الأصالة من ناحية والمعاصرة من ناحية ثانية هي مسألة في غاية الأهمية، وربما تكون عملية في شيء من التعقيد والصعوبة، إلا انها على كل الاحوال ضرورة يجب أن يتوفّر لها فقهاء الإسلام. اتجاهان ولقد شهد التاريخ الإسلامي القديم والمعاصر اتجاهين فى المسألة: الاتجاه الأول يتمسك بالاصالة على حساب المعاصرة، متسماً بشيء كثير من (التحجّر)، ومتبعداً عن متطلبات الواقع الإنساني المتجدد في احواله ومشكلاته واساليبه. في ضوء هذا الاتجاه اغلق باب الاجتهاد، واطيح بالعقل باعتباره أساساً في فهم الشريعة ومعارفها واحكامها، واصبح هذا الاتجاه في مواجهة التحديات والمستجدات كمن يدخل ساحة الحرب بأسلحة تقليدية قديمة، الأمر الذي ساعد على نجاح الغزو الثقافي لمجتمعنا، واتهام الفكر الإسلامي بالرجعية وغير ذلك.