(183) وبالرغم من كلّ هذا العداء والحذر الذي كان يطبع مواقف وتعامل اولئك الحكام مع الأئمة الاّ انهم كانوا يرجعون اليهم عندما يفتقدون الحيلة وتضطرب عليهم الامور ويعجز فقهاؤهم عن ايجاد مخرج او حل لمسألة ما، وهذا دليل وشاهد قوي على رضوخ الحكام امام علميتهم الفذّة ولا ابلغ من شهادة عدوواقراره لخصمه. وعلى سبيل المثال نذكر بعض الامثلة والادلّة على رجوع الحكام اليهم: 1 - عندما تحيّر عبدالملك بن مروان اثر تهديد قيصر الروم في ذلك الوقت، بان يضرب السكة الذهبية والفضيّة - التي تتداول في الدولة البيزنطية والاسلامية على حد سواء بشتم نبي الاسلام، قال عبدالملك: احسب انني اسوأ مولود حظاً في الاسلام حيث كنت السبب في ذلك - لانه امر بنقش شعار التوحيد (شهد الله انه لا اله الاّ هو) على الورق الذي يأتي من روما منقوشاً عليه شعار (الاب، الابن، الروح)، الامر الذي ازعج قيصر الروم ودعا عبدالملك الى ترك العلامة النصرانية على حالها والاّ سوف ينفذ تهديده المتقدم - واخذ - عبدالملك يشاور المسلمين فلم يجد عند احد منهم حيلة، فقال له احد الحاضرين: انك لتعرف المخرج من ذلك ولكنك تتعمد الاعراض عنه، فقال عبدالملك: ويحك ما هي الطريقة التي اعرضها؟ فاجابه الرجل: لابد لك ان تطلب حل هذه المشكلة عند باقر اهل البيت فصدّق عبد الملك قوله، وكتب الى والي المدينة ان اشخص الباقر الى الشام محترماً مكرماً، واستبقى مبعوث قيصر حتى وصل الامام وحدثوه بالموضوع فقال (عليه السلام): ان تهديد قيصر لن ينفّذ والله سبحانه لن يتركه يفعل هذا الفعل، وطريق الحل سهل يسير ايضاً: اجمع اصحاب الصناعات وأمرهم بضرب السكك وليخطوا على احد وجهي العملة سورة التوحيد وعلى الوجه الاخر اسم النبي (صلى الله عليه وآله) وبهذا نستغني عن مسكوكات الروم.